1. وعرفَ يوآبُ بنُ صرويَّةَ أنَّ داوُدَ اشتاقَ إلى أبشالومَ،
2. فأرسَلَ إلى تَقوعَوجاءَ مِنْ هُناكَ بامرأةٍ حكيمةٍ وقالَ لها: «تظاهري بالحُزنِ، والبَسي ثيابَ الحِدادِ ولا تَتزيَّني، بل كُوني كامرأةٍ تَنوحُ مِنْ أيّامٍ عديدةٍ على مَيْتٍ،
3. ورُوحي إلى المَلِكِ وكلِّميهِ بِما أقولُهُ لكِ». وقالَ لها يوآبُ ما تقولُ للمَلِكِ.
4. فذهبَتِ المَرأةُ إلى المَلِكِ وانحَنَت إلى الأرضِ وقالَت: «ساعِدْني أيُّها المَلِكُ».
5. فسألَها: «ما حاجتُكِ؟» فأجابَت: «أنا أرملَةٌ توفِّيَ زوجي.
6. وكانَ لي يا سيِّدي ابنانِ تشاجَرا في البَرِّيَّةِ، ولم يكُنْ مَنْ يَفصِلُ بَينَهُما، فضربَ أحدُهُما الآخَرَ وقتَلَهُ.
7. فهجَمَ جميعُ العَشيرةِ عليَّ وقالوا: سلِّمي إلينا قاتِلَ أخيهِ لِنَقتُلَهُ انتِقاما لَه، فإذا فَعَلوا ذلِكَ يُهلِكونَ الوارِثَ أيضا ويُطفِئونَ جمرَةَ أملي الّتي بَقيَت، ولا يَترُكونَ لِزَوجي اسما ولا نسلا على وجهِ الأرضِ».
8. فقالَ المَلِكُ للمرأةِ: «عُودي إلى بَيتِكِ، فأنا أقومُ بالمطلوبِ».
9. فقالَتِ المرأةُ: «عليَّ اللَّومُ يا سيِّدي المَلِكُ وعلى بَيتِ أبـي في كُلِّ ما تفعَلُ، وليكُنِ المَلِكُ وعرشُهُ بَريئَينِ».
10. فقالَ لها المَلِكُ: «إذا تَهدَّدكِ أحدٌ، فَجيئي بهِ إليَّ، فلا يتعَرَّضْ لكِ مِنْ بَعدُ».
11. فقالَت لَه: «أكِّدْ لي عونَكَ، واجعَلِ الرّبَّ إلهَكَ شاهِدا أيُّها المَلِكُ، فلا يرتكِبُ الّذي يثأرُ لدَمِ ابني جريمةً أُخرى ويُهلِكُ ابني الآخرَ». فقالَ لها: «حَيٌّ هوَ الرّبُّ، لا تسقُطُ شعرةٌ مِنْ رأسِ ابنِكِ على الأرضِ».
12. فقالَتِ المَرأةُ: «دَعني يا سيِّدي المَلِكُ أقولُ شيئا آخرَ». قالَ: «تكلَّمي».
13. فقالَتِ المَرأةُ: «لماذا نوَيتَ شرًّا مُماثِلا على شعبِ اللهِ؟ فأنتَ بِما حكَمتَ لي، أيُّها المَلِكُ، حكَمتَ على نفْسِكَ لأنَّكَ لا ترُدُّ ابنَكَ الّذي نَفيتَهُ.
14. لا بُدَّ أنْ نموتَ كُلُّنا ونكونَ كماءٍ مَصبوبٍ على الأرضِ، ولا يجمَعُهُ شيءٌ لكنَّ اللهَ لا يُريدُ أنْ يَقضيَ على حياةِ أحدٍ، ولا هوَ يُريدُ أنْ يظَلَّ منفِـيٌّ بعيدا عَنهُ في مَنفاهُ.